ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الخامس


القضية الفلسطينية قضية العصر

 

ان ابرز فكرة في حزب البعث العربي الاشتراكي هي فكرة الوحدة (1)، وهي للعرب، ولكن ايضا للانسانية ولكل الشعوب المحبة للتقدم. وما شاهدتموه في العراق من رسوخ لمبادئ الحزب في جماهير الشعب يطمئنكم على مستقبل الثورة العربية.

ان القضية الفلسطينية هي قضية العصر، وقضية الثورة، وهي معيار الثورية في حزبنا.. وعندما تتحرر فلسطين لن يبقى استعمار على وجه الارض. هذا من جهة دليل على صعوبة القضية، ولكونها قضية انسانية وليست قضية العرب وحدهم. ولذلك فان الشعوب الثائرة والمنتصرة للحق والعدل والتقدم عندما تتضامن كلها في دعم الثورة والقضية الفلسطينية سيكون ذلك في نفس الوقت تحررا لهذه الشعوب والإنسانية.

ان هذا الكلام نشأنا عليه، وعشنا عليه، وهو كلام النضال والثورة لان المناضلين والثوار يتعارفون بلحظة واحدة وكأنهم رفاق حياة وعمر. ان قضية الحرية لا تتجزأ من النضال ضد الامبريالية والاستعمار والصهيونية لانها قضية واحدة، لذلك فان لقاءنا مع رفاقنا من أفريقيا الثائرة هو لقاء مبدئي وعميق وان قضية الأمة العربية مرتبطة ارتباطا عميقا ووثيقا بمصير وحرية العالم الثالث. ان احلام السادات والامبريالية والصهيونية باطلة ووشيكة الفشل لان شعب مصر شعب له تاريخ عريق بالوطنية والنضال وهو جزء من الأمة العربية، فلا يمكن ان يكون له طريق غير طريق الثورة مع بقية اجزاء الوطن العربي. إننا لا نشك لحظة بان السادات شيء عابر وستعود مصر أشد وطنية ونضالا من قبل، والثورة الصحيحة هي التي تحول هذه الخيانة الى شيء ايجابي لمصلحتها، فهي بعد هذه المعاناة والتجربة القاسية ستكون أعمق اتصالا بالجسم العربي وبروح الثورة العربية.

ان السادات يمثل ظاهرة مرضية، لانه في الواقع شيء سلبي يعتمد على أمراض ما زالت موجودة في المجتمع العربي والمصري ويعتمد على القوى الباغية الاستعمارية التي توهمت انه يستطيع ان يقود العرب الى الخيانة وهذا منتهى الغباء. باعتقاده انه يحكم الآن اكبر قطر عربي، ولكن اكبر قطر عربي يستطيع ان يقود العرب الى الثورة وليس الى الثورة المضادة.

ان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يتخذ قرارات بمفرده وكانت الأمة العربية كلها تتبعه لان قراراته كانت ثورية ضد الاستعمار والصهيونية. وان دليل زيف السادات كونه سياسيا وليس زعيما شعبيا حقيقيا وانه يحكم على الامور بسطحية ويظن بانه يستطيع ان ينجح في خيانته. انه لا يمثل مصر العربية.

ان من علائم الصحة في الثورة العربية كونها تستفيد حتى من التجارب السلبية.. فخيانة السادات أتاحت فرصة لظهور العرب بشكل متضامن ضد الانحراف.

 

13كانون الاول 1979

(1) من حديث مع السيد سامورا مويزس ماشيل رئيس حزب (فريليمو)، رئيس جمهورية موزنبيق الشعبية في 13/12/1979

 

 

 

الصفحة الرئيسية للجزء الخامس