ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الخامس


الحزب الثوري صورة لمستقبل الأمة

 

 

 

ايها الرفاق (1)

 

انها مرحلة في غاية الخطورة، هذه المرحلة التي تعيشها امتنا، والحزب الذي يجب ان يجعل هدفه دوما ان يكون ضمير هذه الامة وعقلها وساعدها الايمن، عليه ان يستوعب اهم المقومات  اهم الصفات والملامح للمرحلة التي يعيشها على ضوء، تجاربه السابقة مستفيدا من التجارب الثورية بصفة عامة. لن نشعب البحث كثيرا، بل يكفي ان نتذكر بعض الظروف والتجارب التي مرت على حزبنا وعلى امتنا في السنوات الاخيرة.

 

ان تجربة عام 63 تجربة ما تزال حية في الذاكرة، في الاذهان، وهي غنية بالدروس، ولن نقصرها على هذا القطر بل كان للحزب في الوقت نفسه تجربة في القطر السوري ايضا وانتهت تقريبا الى نفس النتائج. فما هي الدروس التي نستخلصها من تجربة الحكم في عام 63 في العراق، ثم في سوريا؟ لم يكن الحزب مهيئا لاستلام تلك المسؤوليات الضخمة التي استلمها في قطرين هامين لان الشرط الاول هو ان يكون الحزب مسيطرا على نفسه، هو ان يكون الحزب مالكا لارادته، يعرف طريقه، ان يكون وحدة متراصة وشفافة، اي ان يشمله توجيه واحد ويحرك سيره هدف واحد ومنطق واحد، وان يكون ثمة تجاوب كامل وعميق بين القواعد والقيادات، وان يكون عمل القيادات معروفا بتفاصيله وبدوافعه ومبرراته لدى القواعد، وان تكون ارادة القواعد ونظرتها وملاحظاتها معروفة لدى القيادات، ومؤثرة وفعالة يؤيدها النضال، وان يكون ثمة ما يحول الى حد كبير دون تزييف تلك الارادة، او تشويهها او الاستخفاف بها، وهكذا يمكن ان يعرف الحزب في اية لحظة ماذا يريد، وماذا عمل، وكم قطع من الطريق، وهل سار في الطريق السوي، وكم بقي عليه في مسيرته من خطوات؟ وهكذا يستطيع الحزب ان يتدارك الاخطاء ويصححها في الحين المناسب، في حين وقوعها دون ان تتراكم ودون ان يفسح تراكمها مجالا للعقد والشكوك والاحقاد.

 

ايها الرفاق

 

طالما سمعتم في حزبكم بان الحزب الثوري الصحيح هو الذي يكون الصورة لمستقبل الامة. الصورة المصغرة للمستقبل السليم الذي يناضل الحزب وتناضل الامة من اجل بلوغه. لا يمكن لحزب مريض ان ينجح في نضاله، ان ينجح في معالجة امراض الامة والمجتمع. فالشرط الاول الاساسي هو اذن ببساطة هذه السلامة في التفكير، في العلاقات الحزبية، في الوضوح الفكري وفي الوضوح التنظيمي، في الديمقراطية الصحيحة التي تسمح دوما بالتجدد وتصحيح الخطأ والتغلب على الضعف دون ان تؤدي الى الميوعة والفوضى، دون ان تكون مطية للوصولية والانتهازية والفوضى والتخريب - هذا الدرس المستخلص من تجربة 63، عندنا ثقة كبيرة بان يكون قد هضم واستوعب بدليل ان حزبنا في هذا القطر قد حقق عملا فذا في صموده وفي استئناف نضاله وتغلبه على الامراض وعلى اليأس والتشتت ومؤامرات الاعداء واستعاد ثقة الجماهير واستطاع ان يرجع الى مكان القيادة فيها.

 

ولكن من الواجب ومن الوفاء لهذا الحزب، من الوفاء لامتنا المنكوبة ان نتذكر دوما تلك الدروس وان لا ننساها وان لا ياخذنا الغرور وان لا نستهين بقيم وقواعد في العمل الثوري هي ثمرة تجارب طويلة جربتها امم غيرنا وكلفتها التعب الكثير والنضال الطويل والدماء الغزيرة. فالمبادئ والقيم والقواعد في العمل الثوري ليست كلاما والفاظا على الورق انها تسجيل لتجارب حية، والثوري المخلص الامين هو الذي يحترمها ويتعمق في فهمها ويمارسها ولو كانت طريقها اطول واصعب من طريق تجاوزها والتحايل عليها وطريق الاستسلام للاهواء والنزوات والمطامع.

 

في القطر السوري ايها الرفاق، مرت تجربة هي اكثر هولا واعمق مرضا من التي مرت بالعراق. في العراق كانت القيادة التي استلمت مقدرات انتفاضة رمضان غير مؤهلة، غير ناضجة وكبر عليها الحمل، ولعب في رؤوسها الغرور، ووقعت فريسة التناحر الصبياني على السلطة  تخلت عن مسؤولياتها من ايامها الاولى، وكأن الغاية ان يزال حكم عبد الكريم قاسم، وكانه لم يكن للبعث مهمة ايجابية، مهمة بناءة، كأن كل مهمته كانت سلبية، ان يهزم عهدا ظالما ثم يقعد ويستريح. لما انشغل القادة بهذه النظرات والاطماع والحسابات التي لا تليق بثوار حزبيين يعملون للامة العربية كلها اخذوا يتوسلون لتحقيق تلك الأطماع والمكاسب الشخصية، يتوسلون بوسائل مؤذية لسلامة تكوين الحزب ولسلامة نظامه وقيمه وعلاقاته بين اعضاءه فلجأوا الى التكتلات، الى التزوير، تزوير ارادة القواعد، الى الاحتيال باسم النضال على النضال وباسم المبادئ ليخالفوا تلك المبادئ، تركوا النضال فسهلوا بذلك مهمة الرجعيين والمتآمرين والاعداء. والتهوا وألهوا الجهاز الحزبي بالتوافه فلم يعد مستغربا ان يحل بهم ما حل في فترة قصيرة جدا من الزمن.

 

ولكن الذي حدث في سوريا ايها الرفاق كان مؤامرة ولم يكن طيشا ولا غرورا ولا نقصا في الكفاءة. كان مؤامرة مدبرة لتغيير معالم الحزب رسمت خطوطها قبل حركة آذار بعامين تقريبا منذ ايام الوحدة عندما تشكل ما عرف باللجنة العسكرية في القاهرة من بعض العسكريين السوريين الذين كان لهم صلة سطحية بالحزب، خططوا لان يستولوا على الحزب.

 

وبعد حركة آذار او بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في آذار في سوريا والذي كان الفضل الاول فيه لثورة رمضان التي عبدت له الطريق واعطته قوة الدفع والزخم، اخذوا ينفذون في السر والخفاء تلك الخطة التي لم تظهر للحزب وقواعده الا بعد سنة او سنة ونصف الى ان ظهر التدهور في الحزب وفي الحكم والى ان ظهر الصراع بين العسكريين انفسهم، الصراع على السلطة الذي كشف خطتهم. ولعلكم تعلمون ان الحزب بقيادته القومية ما كان ليتبنى انقلاب آذار في سوريا لو لم تسبقه ثورة رمضان في العراق. ثورة رمضان كانت ثورة الحزب، كانت في الدرجة الاولى انتفاضة شعبية، خرج فيها شباب الحزب وحملوا السلاح وناضلوا واستشهد منهم اعداد، ولذلك اطمأنت قيادة الحزب الى ان هناك سندا قويا في العراق يسمح بالامل بان يتحول الانقلاب العسكري في سوريا الى ثورة وثورة بعثية ولكن سرعة انتكاس الانتفاضة في العراق اضعفت قدرة قيادة الحزب على السيطرة على من وصلوا الى السلطة نتيجة الانقلاب العسكري. 

 

ونشأ الصراع بين الحزب وبين من اغتصبوا اسم الحزب وشعاراته دون ان يتقيدوا بمبادئه وبروحه وبنظامه وجعلوا من الحزب وسيلة لبلوغ السلطة والبقاء فيها. من كل ذلك نلاحظ تصميماً على محاربة قيادة الحزب، في كل هذه المظاهر، كل هذه الظواهر شيء واحد ثابت هو محاولة اضعاف سلطة القيادة العليا، محاولة الافلات من رقابتها. كان هذا وارداً بالنسبة الى القيادة التي ضيعت الحكم، حكم رمضان لانها كانت تحاول دوما ان تتهرب من رقابة القيادة القومية وكان هذا جليا وواضحا وقويا في سوريا  انتهى بان وجهوا الدبابات والمدافع ضد القيادة القومية. ولكن للموضوعية والانصاف نفرق دوما بين طيش القيادة في عام 63 في العراق التي كانت تتهرب من سلطة الحزب، ومن رقابة الحزب عليها لكي يخلو لها الجو وليصل افرادها الى المراكز التي كانوا يطمعون فيها، وبين خطة خبيثة مبيتة وضعت في سوريا لتغير معالم الحزب بل لتغير مسيرة الثورة العربية في اتجاه معاكس للثورة الحقيقية اي بالدرجة الاولى باتجاه معاكس للوحدة العربية التي هي المعيار الاول للثورية في مرحلتنا هذه. فلننظر الى هذه الظاهرة ظاهرة محاربة القيادة القومية في حزبنا، انها تدل على رواسب التجزئة في مجتمعنا وفي التربية السائدة  فيه وفي المصالح المسيطرة عليه، كما تنم عن اصابع الاستعمار والصهيونة وجميع اعداء الامة العربية الذين إن يخافوا شيئا فانما يخافون الوحدة العربية، ويخافون حزب الوحدة العربية الذي أتى في هذه المرحلة بالنظرية الصحيحة لتحقيق الوحدة.

 

فما هو رمز هذه الصفة وهذه النظرية في حزب البعث، هي القيادة القومية كمؤسسة لا كاشخاص، فكيف يمكن ان يكون حزب البعث العربي الاشتراكي امينا لمبادئه قادراً على تطبيقها اذا لم يخلص لهذه التجربة البسيطة في حجمها ومظهرها؟ ان يكون على راس الحزب قيادة من 13-20 هم مناضلون عرب ثوريون، عرب دون مراعاة للقطر الذي جاؤا منه. ان تكون قيادة هذا الحزب هي البرهان الاول على رفضنا للتجزئة وتمردنا عليها وتصميمنا على بناء الامة العربية الواحدة، فاذا لم ننجح في ان نكون 10-20 عربا ثوريين اي بعثيين فكيف ننجح في جعل  100 مليون عربي لأن يكونوا امة واحدة ودولة واحدة؟ قد يقال ايها الرفاق، قد تقولون وانا اقول معكم، واقع القيادة القومية منذ ان  أُسست، هذه المؤسسة للحزب منذ ان شكلت واقعها ضعيف، ولكن هل نكتفي بمشاهدة هذا الضعف، هذا الواقع، ونسجله على القيادة القومية ام نتعمق قليلا ونبحث عن اسبابه العميقة وبالتالي نقول بما ان القيادة القومية هي عنوان ثورية هذا الحزب اذا لم ننجح في تكوينها فلن ننجح في شيء! فلنحلل هذا الواقع او فلنحلل اسباب ضعفه فنجد العلاجات ونتلافى هذا الوضع مهما كان صعبا  اذ لا يمكن الا ان ينجح حزب البعث في اقامة هذه القيادة حتى تحصل الثقة عند افراده بانه قادر على تحقيق اهدافه ومبادئه.

 

ايها الرفاق

 

ثمة اشياء كثيرة يمكن ان تقال عن هذه الظاهرة التي تعبر كما قلت عن الواقع العربي المتخلف الخاضع للاستعمار الخاضع للاستغلال الرجعي، ثمة اشياء كثيرة يمكن ان تقال، لكني اقدر بانكم ادركتم المغزى وادركتم بان هذه المرحلة بالذات، هذه المرحلة التي اتت بعد هزيمة حزيران هي المرحلة التي يطلب فيها من الحزب ان يبرهن على اصالته الثورية، اصالته القومية اذ لا شيء يتغلب على النكسة، على الهزيمة، على الصهيونية واسرائيل، على الاستعمار الذي هو وراء اسرائيل الا الوحدة بمضمونها الثوري الذي وضعه حزبنا، فسير الحزب يجب ان يكون الآن اكثر من اي وقت مضى سيرا هادفاً الى تحقيق الوحدة، وبالتالي ان يكون باستمرار مستلهما المنطق القومي، ان يعيش في الجو القومي، ان يبحث اموره الداخلية وسياسته بمنطق الوحدة، بمنطق الامة العربية لا بمنطق التجزئة الذي يريده لنا الاستعمار والصهيونية اللذان يحلمان بان يعيدونا عشرات السنين الى الوراء، بان يقطعوا اوصال القطر الواحد بعد ان تمكنوا منا في حرب حزيران، فاحلام الاستعمار والصهيونية هي في ان يقطعوا الطريق على الوحدة العربية نهائيا اذا استطاعوا والى عشرات السنين في اضعف احتمال، لان هذا شرط اساسي لكي تبقى اسرائيل وتتوسع وهذا شرط اساسي لابديل له لكي تبقى شركات الاستعمار وتتابع استغلالها، ومعنى بقاء اسرائيل ومعنى بقاء الاستغلال الاستعماري هو ان يبقى شعبنا في حالة التخلف لايقوى على الخروج منها مهما حاول، ليسعى ويتوهم ويتحمس ويناضل ثم يجد نفسه في موضعه في مكانه او متراجعا الى الوراء، يجد نفسه في الفقر والبؤس والمرض والجهل وبكل هذه مقرونة بالتجزئة، التجزئة تعني كل ذلك.

 

ايها الرفاق

 

لقد استبشرنا كثيرا بما حققتموه في قطرنا المناضل (العراق)، لقد استبشرنا كثيرا بالكفاءة التي اظهرتموها في استيعابكم لدروس الماضي وعبره، لدروس النكبات، واستطعتم الى حد كبير ان تجنبوا حزبكم وتركيبه وسيره، وان تجنبوا التجربة الجديدة التي قمتم بها عديدا من الامراض التي وقعت في التجربة السابقة ولا احد يريد لهذه الامراض ان تعود، بل لن نسمح لها بان تعود ويجب ان يكون تصميمنا جبارا مسؤولا تتلخص فيه كل ثوريتنا، يتلخص فيه كل ايماننا بامتنا وبحقها في الحياة، ان تنجح هذه التجربة وان تتابع سيرها سليمة من الامراض الماضية والتي لا يجوز ان تتكرر لاننا وُجدنا ووُجد حزبنا لكي يعطي الثقة لشعبنا بنفسه لا ان ييئس هذا الشعب وان نظهر عدم جدارة الإنسان العربي اذا تهاونا وتركنا التجربة ينتابها المرض والوهن. هذا التصميم بان تكون هذه التجربة منطلقا للحزب وللامة العربية لكي يسير الحزب في هذا القطر وفي الاقطار العربية من نصر الى نصر ولكي تعود الامة العربية الى السيطرة على مقدراتها في وجه الهجمة الاستعمارية لذلك ان ما استطعتم تحقيقه بالشجاعة، بالصبر، بالعمل الدؤوب، بالعمل مع الشعب الذي هو دوما المرجع الذي يطهر النفوس ويرفع الاخلاق ويفتح المواهب، العودة الى الشعب بتواضع وصدق ما دمتم قد بدأتم السير في هذا الطريق فنريد ان نعزز هذه المكاسب التي حققتموها من وحدة في القيادة، من انسجام واخوة عربية ثورية، من ثقة متبادلة، من وضوح في النهج والتفكير، من مسؤولية في العمل، هذه الصفات نريد ان نحققها في اعلى قيادة في الحزب، نريد ان تجعلوا اولى مهماتكم تحقيق صورة القيادة القومية الصحيحة السليمة، حزبنا في العراق مطالب بان يكون سباقا في تفهم الضرورة التاريخية لوجود القيادة القومية وان يتفهم بموضوعية وعمق الاسباب والعوامل الموضوعية قبل الذاتية التي سببت ضعف اعلى قيادة في الحزب ضعفا مستمرا، فعندما تكون امامنا ظاهرة متكررة على مر السنين يجب ان يدعونا تفكيرنا العلمي الى التساؤل عن الاسباب الموضوعية وراءها، وقد بينت لكم هذه الاسباب، كل ما في مجتمعنا وكل ما يتآمر على امتنا من استعمار ومصالح استعمارية ورجعية وكل ما في هذا المجتمع من امراض، من رواسب لا ثورية يتآمر على مؤسسة القيادة القومية، يحول دون تجسيد الفكرة القومية في اعلى مؤسسة قيادية في حزب البعث. ما دامت الامة العربية لم تتوحد بعد، ما دامت الدولة العربية لم تولد بعد ودونها مشاق ومشاق فالقيادة القومية ليس لها ارض، ليس لها ثورة خاصة بها، ليس لها حكم تمارسه، ليس لها سلطة، ولكن اذا فهمنا دورها التاريخي فان لها الثورة العربية كلها، لها الوطن العربي كله، لها الحزب كله، اما اذا اكتفينا بالنظرة السطحية وارتضينا ان تبقى القيادة القومية رمزا لاحقيقة وراءها ولا قوة بيدها واعتبرنا الصفة القومية لهذا الحزب شيئا معنويا باهتا يضفي على الحزب لونا عربيا جامعا وجعلناها منفى للذين ليس بيدهم سلطة  ليس لهم قوة، فاننا نكون قد اسأنا الى حزبنا اكبر اساءة. نكون قد عرضنا حزبنا بنكسات جديدة ونكسات الحزب هي نكسات الامة. نكون قد افقدنا حزبنا الدم والروح لان الصفة القومية ليست زينة يزدان بها الحزب، انها دمه وروحه، اننا في هذا الظرف العصيب الذي تجتازه الامة قد فوتنا فرصة تاريخية لكي نتغلب على الهزيمة بان نشق طريق الوحدة، ولا يستطيع الحزب تحقيق الوحدة الكبرى اذا لم يحقق هذه النواة الصغيرة المصغرة للوحدة وهي قيادته العليا.

 

ايها الرفاق

 

ذكرت لكم كل هذا لانكم توافقونني على ان الشرط الاساسي لتحقيق الثورة هو ان يكون تركيب الحزب سليما في قياداته وقواعده، فاذا انتهينا من هذا الشرط واستوعبناه حق الاستيعاب فان بالامكان ان نتوجه الى المهام المطروحة على الحزب في هذا القطر وفي كل الاقطار.

 

ايها الاخوان

 

المهام كثيرة والمصاعب كثيرة كذلك  المؤامرات الاستعمارية قد تصل الى حد العدوان السافر عندما ييأسون من ضرب الثورة من داخلها. كيف نتصرف؟ اذا سرنا مع مبادئنا واهدافنا ذعر الإستعمار وخاف على مصالحه فتآمر وقد يصل الى حد العدوان. هل نكتم مبادئنا ونتكتم في اهدافنا؟ هل نقبل التسويات، هل نرجىء، ونؤجل او نمشي بجرأة ووضوح الى  آخر الطريق شريطة ان نوصل الثورة الى جميع الجماهير الشعبية في اقصى واصغر قرية في هذا القطر وفي كل قطر، عندما يتمكن الحزب من ذلك الضمانة هي هذه، الحزب يقوم بانجازات اصيلة برهنت على صدق ثوريته وكسبت له ثقة جماهيرية وكسبت له اعتراف فئات تقدمية، بقي شيء فني متعلق بكفاءة الحزب واعضائه لكي يكون الحزب القوة الرادعة للاستعمار وعملاء الاستعمار وحتى يكون القوة التي تستطيع المجابهة عند اللزوم، أمر متعلق بالكفاءة بحسن استغلال طاقات شعبنا احسن استغلال وتنسيق هذه الطاقات على اوسع نطاق وفي اقصي وقت ممكن. وذلك بان يكون الوعي اساس القوة الجماهيرية. ان نوصل قضية الامة، قضية الثورة العربية الى وعي الجماهير. نوصلها يوميا بالتوعية الشاملة المتكررة التي تقترن بالتنظيم والممارسة والتي يجب في يوم ما ان تتوج بان يحمل شعبنا وجماهير شعبنا السلاح ويحققوا اهداف حزبنا وامتنا بالثورة المسلحة التي هي قدر الحزب والامة بعد الآن.

 

ايار 1969

 

(1)   حديث القي في قاعة المجلس الوطني ببغداد في ايار 1963

 

 

الصفحة الرئيسية للجزء الخامس