ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الخامس


المفهوم التحرري الحضاري للامة العربية  

 

 

اخواني (1)

انها لفرصة جد سعيدة ان نلتقي على ارض العراق الحبيب بعد هذه الحركة المباركة التي انعشت الآمال والتي جاءت دليلا جديدا رائعا على  ان قدر امتنا هو الحرية بكل معانيها، وان قدر امتنا هي القيم الانسانية باعمق واشمل معانيها، وان وجودنا ذاته رهن باخلاصنا للحرية وللقيم الانسانية.

ايها الاخوة

انكم  لا تجهلون تاريخ امتنا ولا تجهلون الروح السمحة التي سادت اجواءها وكيف تعاونت الاجناس والمذاهب وانصهرت في تيار واحد خير مبدع انساني تمثل في قمم حضارتنا وفي خيرة ابطالنا، وعندما نذكر الابطال فكيف لا يأتي ذكرذلك البطل العظيم، الرجل الذي اصبح اسطورة في الغرب نفسه اعني به صلاح الدين.

ولم يكن صلاح الدين الا ثمرة طيبة لهذه الروح التي غذاها تاريخنا وغذتها حضارتنا. فنحن اليوم على عتبة نهضة جديدة  ستكون باذن الله اقوى واعمق وارفع مستوى من نهضاتنا السابقة لانها ستتضمن ثمرة كل التجارب والآلام والمحن التي حلت بنا في عهود الاستعمار المظلمة الغاشمة. فلا شك ان هذه الامة ستستفيد وتعتبر بهذه الالام والتجارب لتنقي سبيلها وتنقي جوها من كل تهاون ومن كل شر ولتبني مستقبلها على امتن الاسس وفي اسلم الاتجاهات، وهي تطمح لا لتعيش عيشة مختلفة بين جميع ابنائها وعناصرها فحسب وانما طموحها لان تكون عاملة بسخاء وسلام في العالم كله. وخذوا مني هذه الكلمة الصادرة من القلب والتي هي في تقديري تعبير عن ضمير وعقيدة كل شاب عربي من هذه الاجيال الصاعدة التي تبني المستقبل العربي. خذوها مني كلمة خالصة صافية بأننا حريصون على الحرية لجميع البشر ومستعدون للتضحية في سبيل الدفاع عن الحرية في العالم فكيف لا ندافع عن حرية اخواننا الذين يعيشون معنا منذ مئات السنين لم يفرق بيننا وبينهم فرق وقد جمعتنا اواصر شتى وهذه الارض وهذه السماء. لم نعرف ما عرفته بلدان اخرى من التفرقة الذميمة ومن التعصب الذميم، ومستقبلنا سيكون اكثر نصوعا من ماضينا ومن حاضرنا فنحن نكن لكم المحبة والاخاء وليس ذلك حرصا عليكم وعلى مصلحتكم فحسب وانما هوحرص على وطننا وعلى سلامته وعلى ان يعيش باستقرار وهناء وتعاون بين الجميع، وهو حرص على امتنا وحضارتنا وقيمتها بين الامم بان تمثل الاخلاص للمثل العليا والوفاء للروح الانسانية ولكم منا كل مؤازرة وكل محبة، واني مؤمن وواثق بان عواطفكم يا اخوتي الاكراد لاتقل عن عاطفتنا نحوكم فانتم من هذه الارض الطيبة ولا قوة تستطيع ان توجد ثغرة بيننا وبينكم وكلما خطا هذا الوطن خطوة في طريق التحرر وفي طريق رفع مستوى الشعب ورفع الظلم عنه بتحقيق العدالة للجميع، سترون بان الكثير من الاوهام سوف تزول وتتلاشى وسوف تنتفي وتكون حقوقكم وامانيكم وما يحقق شخصيتكم وسيساعدكم على الابداع والعمل المنتج سيكون كل ذلك مضمونا والله يوفقنا.

 

آب 1958

(1)
حديث مع مجموعة من الأكراد العراقيين ببغداد في آب 1958

 

 

الصفحة الرئيسية للجزء الخامس