ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


برقية تهنئة بقيام ثورة 14 رمضان

 

باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، أشاطركم روعة اللحظات التاريخية الكبرى التي تحياها ثورتكم العربية، وإشراقة المعاني السخية التي يفجرها قيام عراق عربي أصيل، يستعيد دوره القومي الطليعي الذي عطلته رجعية نوري السعيد وشعوبية قاسم.

إن ثورتكم في العراق هي الثورة المعبرة أعمق تعبير، عن طبيعة المرحلة التي تجتازها الأمة العربية.. انها إبنة ثورة الرابع عشر من تموز، وتصحيح الانحراف الذي عطلها، والثأر لانتكاسة الوحدة بين مصر وسوريا. لقد قامت نتيجة عمل شعبي واع شامل، أسهمت فيه جماهير الشعب العربي في العراق من مدنيين وعسكريين متحملة بجد ومسؤولية مهمة الانطلاق نحو الأهداف التي تمليها هذه المرحلة، تلك الأهداف التي تلتقي فيها مصالح الجماهير المتجلية في الاشتراكية والديمقراطية الشعبية مع المعاني القومية الملازمة لها، متمثلة في توحيد الأقطار، هدف الجماهير في جميع الأقطار العربية، من اجل تصحيح الانحراف القومي، والقضاء على الردة الرجعية، والنهوض من نكسة الانفصال، وتحقيق سائر الأهداف القومية.

وستظل المشاركة الشعبية الواعية التي انطلقت منها ثورتكم، وسيظل العمل في سبيل توسيعها وتعميقها على صعيد النضال والبناء معا، الأداة الثورية الفعالة التي تحفظ لحركتكم سلامة سيرها وحيوية اندفاعها.

واصدق تعبير عن هذه المشاركة الشعبية انفتاح الثورة في العراق على سائر الحركات العربية الثورية في الوطن العربي، والتفاعل بين القوى العربية المتحررة ضمن جبهة عربية تقدمية واحدة، تحطم المحاولات التي يقوم بها الاستعمار والصهيونية وإسرائيل والرجعية العربية العميلة والحاقدون على العروبة من اجل صدع الركب العربي الزاحف، وتسير في طريق تحقيق يوم النصر الكبير.

لقد وعت ثورتكم السمة الأساسية للمرحلة التي تجتازها الأمة العربية وأدركت بأصالتها وثوريتها أن الذي يحدد هذه المرحلة ويمنحها معناها التاريخي، هو تبني رسالة الوحدة العربية تبنيا فعالا جادا، والانطلاق من منطق الوحدة والعمل لها عملا إراديا مخططا. وأدركت أن السير في طريق النضال من اجل الوحدة هو الأمل، وان معاكسة هذا الطريق أو مجرد تجنبه يطعن ثورية أية حركة.

إن ثورتكم تأتي بعد التجربة الثورية العميقة في الجزائر وبعد المد العربي الثوري في اليمن، لتعبر عن تدافع الأعضاء للحاق بجسم الأمة الواحدة بعد الهزة التي أصابت الكيان العربي نتيجة انفصال الوحدة.

فإلى ثورتكم الشعبية الاشتراكية العربية تحية إكبار، وعهد تعاون ونضال مشترك من حزب البعث العربي الاشتراكي ومن الجماهير الشعبية، التي يسير معها في طريق تحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية.

 

بيروت في 11 شباط 1963

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع