ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


الانقلاب والشعب العربي(1)

 

هذه ساعات حاسمة في تاريخك، وعليك وحدك ايها الشعب يتوقف مصيرك ومستقبلك. لقد كانت تقوم في وجه اخلاصك وحيويتك ووطنيتك عقبات جسيمة وعراقيل دائمة، هي عقبات متراكمة من الفساد والاستبداد والاستثمار والشهوات الدنيئة والمؤامرات والخيانات. وفي عمل واحد أزيلت من طريقك هذه العقبات، فانفتح الطريق أمامك، فلا عذر لك بعد اليوم لان ما سيقوم في هذه البلاد من سياسة واعمال، انما انت الذي ستقوم به، فلا ارادة فوق ارادتك، هذه هي القناعة التي يجب ان تتمسك بها دوما، ان الذي قضى على العهد السابق وأوصله الى الحضيض ليس السرقات والخيانات والمحسوبيات فحسب، بل عدم اعتماده على الشعب. لقد مات هذا العهد بفقر الدم لان الشعب لم يكن يمده بدمه الزكي.

أيها الاخوان

ليس من قوة في الارض تعادل قوة الشعب اذا كان الشعب حيا واعيا لحقوقه. ان الاسلحة والاموال والدسائس، تلك القوى الكاذبة التي اعتمد عليها العهد البائد، فأفسد الضمائر بالاموال وصوّب الرصاص الى صدور الشعب وفرض عليهم الخوف والقلق، كل هذا لم يغن عن الحكم البائد الفاسد شيئا، ان القوة الحقيقية هي ملايين الشعب من الطلاب والعمال والفلاحين وبقية الجماهير العاملة.

فاذا كنا نستقبل عهدا جديدا فعلينا اولا ان نعتبر بعهد قد مضى، وانقضى الى غير رجعة، علينا ان نعتبر بأخطائه وعلينا ان نتدارك تلك الاخطاء ونبني حكمنا منذ اللحظة الاولى على القوة الحقيقية، القوة الشعبية.

أيها الاخوان

ليس ما حدث في سوريا انقلابا، وهو في الواقع خطوة نحو الانقلاب، اننا نستبشر بهذا الحادث ونعلق عليه الآمال، ولكن علينا ان نوسع افقنا وننظم صفوفنا وان ننظر دوما الى الامام، الى العلاء. فالانقلاب الذي يطمح اليه الشعب العربي هو انقلاب شامل. الانقلاب الذي يجب ان نسعى اليه دائما وان نجعل من انقلابنا الحاضر وسيلة وخطوة نحوه، هو الانقلاب الذي يحقق للشعب العربي في جميع اقطاره الاشتراكية العربية والوحدة العربية.

ان الانقلاب الذي ننشده هو الذي يحول هذه البلاد العربية الواسعة من بلاد ضعيفة مشلولة الى بلاد يكون فيها كل عربي جنديا قويا يدافع عن بلاده، الى بلاد تقوم على (70) مليونا من العرب الاحرار الواعين المنتجين.

هذه هي الامة العربية التي نريدها والتي صممنا على بعثها. لا الأمة التي تحتكر ثروتها طبقة اقطاعية وتضيع عليها سياستها وشرفها وكرامتها.

الامة العربية التي نريدها هي التي تجمع لنا كل اقطار العروبة، لا الدويلات المجزأة التي اوجدتها انانية الحكام.

أيها الاخوان

إذا كان الانقلاب في سوريا سيكون على هذا المنوال فاننا مستعدون والشعب كله مستعد لان يبذل في سبيله الدماء.

 ميشيل عفلق

7 نيسان 1949

(1) الخطاب الذي القاه عميد الحزب في تظاهرة البعث العربي بدمشق في 7 نيسان 1949 بمناسبة الانقلاب، ونشر في العدد الرابع من النشرة الداخلية الدورية.

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع