ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


في معركة الدستور والحرية
الشعب العربي بكامله يؤيد سورية



تحسب الفئة الحاكمة ان الشعب العربي في سورية سيكون وحيدا في المعركة القريبة التي الجأته الى خوضها دفاعا عن حريته ودستوره
(1).


ولكن الحوادث ستكذب حسابها هذه المرة كما كذبتها في الماضي، وكما كذبت حساب صالح جبر وحكومته في العراق، لأن الشعب العربي واحد في جميع اقطاره، يزداد كل يوم وعيا لوحدة مصيره ومصلحته، وشعورا بضرورة التضامن للظفر بحريته وحقوقه فكل يوم يمر على نضال العرب يأتيهم ببرهان جديد على هذه الحقيقة الثابتة: وهي انهم لن يتحرروا من الاستعمار الأجنبي تحررا نهائيا، ولن يتخلصوا في داخل وطنهم من الاستثمار والظلم والفقر والجهل، الا متى اتخذ نضالهم صفتين اساسيتين: بأن يصبح شعبيا حقا، بعيدا عن سلطة الحكومات، وموجها ضد ظلمها واستثمارها، وان يصبح عربيا شاملا لجهود الشعب وقواه في الأقطار العربية جمعاء فاذا فقد شرط من هذين الشرطين، فقد النضال قوته وأخطأ غايته، وليس كمعركة فلسطين مثال تتجسم فيه تلك الحقيقة، اذ ان اشتراك الأقطار العربية في هذه المعركة قد تحقق حتى الآن الى حد بعيد، ولئن لم يؤد النتيجة المطلوبة، فذلك لأنه لا يزال بيد الحكومات وتحت اشرافها، ولم ينتقل بعد الى يد الشعب.


لو ان شعب سورية كان وحيدا في نضاله ضد الفئة الحاكمة، لما كانت له تلك القوة التي ضمنت له النصر بمثل تلك السرعة التي انتصر بها على اعداء حريته في معركة المرسوم رقم 50، وفي معركة قانون الانتخاب على درجة واحدة. ولكنه كان في المعركتين السابقتين كما سيكون في المعركة المقبلة لانقاذ الدستور من التعديل، مدعوما بتأييد العرب جميعا، لأنه يعمل باسم العرب، ويدافع عن حريتهم ووحدتهم وعيشهم الكريم المنشود.


ان ما يشكو منه الشعب العربي في سورية من حكم الاستئثار ونزعة الأشخاص الى التحكم والاستبداد، هو عين ما يشكو منه العربي في مختلف اقطاره. وان الويلات التي تجرها هذة النزعة الشخصية الاستبدادية على سورية، انما هي صورة وخلاصة لما تعانيه بلاد العرب من اثر قمع الحريات وتجاوز القوانين والتلاعب بأموال الدولة ووظائفها، والتضحية بالأخلاق والوطنية ومستقبل الأجيال الصاعدة. فاذا وقفت سورية في وجه هذه السياسة المشؤومة، فان ارادة الأمة العربية لتتمثل في وقفتها. ولن يكون في مقدور شخص او عدة اشخاص ان يغلبوا هذه الارادة.


ميشيل عفلق
23 شباط 1948
 

(1) افتتاحية جريدة "البعث"، العدد 221 الصادر في 23 شباط 1948.

 

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع