ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


بيان عن تزوير الانتخابات في لبنان
 


ان الانتخابات التي جرت مؤخرا في لبنان
(1) ليست بالحادث المحلي الذي يمكن ان يهمل ويسكت عنه، بل هي ذات مساس مباشر بمصلحة الشعب العربي العليا، وذات أثر عميق في حاضر هذا الشعب ومستقبله.


ولقد دلت هذه الانتخابات على ثلاث ظواهر:


1-ان الحكومة اللبنانية، بلجوئها الى أساليب التزوير والتلاعب، وأعمال الارهاب والضغط، في بلاد حرة مستقلة قد أساءت اكبر إساءة الى الاستقلال الذي تدعي لنفسها شرف الحصول عليه والدفاع عنه، وبرهنت مرة اخرى على انها تتخذ من الاستقلال ستارا ووسيلة لاحتكار واستغلال نفوذه وخيراته.


2- ان السياسة التي اتبعتها الحكومة اللبنانية في الانتخابات قد قرنت اسم الاستقلال بأعمال الغش وتشويه الحق والتعدي على الحريات، الى حد كاد يجعل النزاهة والحق والحرية في صف الخونة وصنائع الأجنبي، مما يقوي هؤلاء ويثبت أقدامهم في البلاد، ويكسبهم عطفا لا يستحقونه، بدلا من ان يقضي على البقية الباقية منهم ويمحو آخر اثر من آثارهم.


3- ان الغاية الحقيقية التي ترمي اليها الحكومة اللبنانية من وراء تذرعها بمحاربة أعداء الاستقلال هي الحيلولة دون نجاح العناصر الواعية المخلصة التي تمثل حاجات الشعب العربي في لبنان ورغباته تمثيلا صادقا وتشكل الخطر الحقيقي على الفئة الحاكمة ومطامعها في السيطرة والاستغلال.


فالشعب العربي في سوريا اذ يعلن استنكاره الصارخ لأعمال الحكومة اللبنانية، وتأييده المطلق لشعب لبنان الشقيق في مطلبه العادل الحق بالغاء هذه الانتخابات المزورة وفسح المجال لظهور الارادة الشعبية الصحيحة، ويعرف معرفة واضحة ان ما حدث في لبنان لن يكون شيئا مذكورا بالنسبة الى ما يتوقع حدوثه من قبل الفئة الحاكمة في سوريا بمناسبة الانتخابات المقبلة القريبة. لذلك فهو يشعر شعورا عميقا قويا بضرورة التضامن مع شعب لبنان الشقيق في سبيل وضع حد حاسم لهذا النوع من الحكم الجاثم على صدور السوريين واللبنانيين، الذي هو في الواقع أشد خطرا على الاستقلال من أطماع الدول الاستعمارية ودسائس عملائها المأجورين وانه ليغتنم هذه الفرصة ليعلن منذ الآن للفئة الحاكمة في سوريا، دون استثناء او تفريق بين أشخاصها، سواء كانوا وزراء أم رؤساء، وسواء أكانوا في الحكم أم خارج الحكم، انه مصمم على النضال المستميت من اجل انتزاع حريته واسترداد حقوقه القومية المقدسة، غير مبال ولا منخدع بالتصريحات الرسمية عن حياد رجال الحكم في الانتخابات، لأن السلطة التنفيذية قد أمست مشبوهة كلها في نظر الشعب فلا ينتظر منها الا الخداع والتآمر.


ان حزب البعث العربي الذي ما برح يناضل في سبيل استقلال الشعب العربي وحريته ووحدته في سبيل مصلحة الطبقة الشعبية الكادحة، يقف اليوم ليضم صوته وجهوده الى جهود جميع المناضلين العرب في لبنان وكل قطر عربي آخر، مهيبا بهم الى مواصلة النضال ومضاعفته لكي تخلص الحركة العربية من شوائب الطغيان والاستثمار، وتظهر بوجهها الحقيقي المؤتلف مع فكرة الحق ومبدأ الحرية وسيرة العدل والاستقامة.
 

عميد "البعث العربي"
ميشيل عفلق
دمشق في 30 آيار 1947
 

(1) بيان من حزب البعث العربي الى الشعب العربي في سوريا ولبنان يطالب فيه بالغاء الانتخابات لبنان المزوره وتوحيد نضال العرب ضد الطغيان والاستثمار. وقد نشر في جريدة "البعث"، العدد 184 الصادر في الاول من حزيران 1947.

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع