ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


المؤآمرة على الأمة

 

اني مسرور جدا من المقابلة الاولى مع ممثلي الاتحاد الاشتراكي اليوغوسلافي (1)، ونحن نؤيد سياسة التعاون في مختلف الميادين، وتشكل زيارتا ليوغوسلافيا جزءا من هذه السياسة.

اما بالنسبة لسؤالك حول الازمة القائمة في الشرق الاوسط فان رأينا ان الصراع بين القوى الإستعمارية وبين سورية لن يكون ذا اهمية كبيرة اذا ما اقتصر الأمر على سورية فحسب. ان وضع سورية هذا قد ألقى الضوء على جميع مشاكل الأمة العربية كما حدث منذ عام اثناء العدوان على مصر.

وكانت هذه القوى بعدوانها على مصر وسياستها في الضغط على سورية ترغب في الحقيقة في الحؤول دون توحيد الشعب العربي وبعثه، وكانت الخطوة الاولى في هذا السبيل خلق دولة اسرائيل. غير ان ذلك عجل في حركة تحرير البلاد العربية وإعادة توحيدها وانبعاثها. وقد عزمت بريطانيا وفرنسا على مهاجمة مصر بعد ان أدت سياستهما الى نقيض ما هدفت اليه تجاه الشرق الاوسط. وليس الضغط الاميركي على لبنان والاردن والعربية السعودية وانضمام العراق الى حلف بغداد الا مظاهر تفسر هذا الخط السياسي.

وعوضا عن وصول القوى الاستعمارية الى هدفها في تطويق سورية وعزل مصر فقد أدت خطتها الى تعزيز وحدة العالم العربي وتدعيم الجبهة القومية في سورية.

وليس دور الاشتراكيين في هذه المعركة المتوجة بالنصر من اجل الوحدة القومية غير ذي أهمية. لقد نشأت الحركة الاشتراكية في سورية، ولكنها امتدت بسرعة الى البلاد العربية الاخرى، وإحدى مميزاتها الاساسية هي الترابط الفريد والتفاعل الحي بين الثورة الاجتماعية والتحرر والوحدة القومية. وعلى الرغم من ان الحركة الاشتراكية اليوم لم تبلغ بعد حدا تتمكن من التأثير في تبديل البناء الاجتماعي، فقد نجحت مع ذلك بتكوين الرأي العام وبفرض مفهومها عن السياسة الخارجية على الاحزاب السياسية الرجعية. وباعتبارنا ننظر الى العالم العربي كوطن واحد فنحن نناضل بقوة حتى لا ينضم اي قطر عربي الى الكتل القائمة، وهدفنا العمل على تخفيف التوتر بين الكتل.

29-تشرين الثاني 1957

(1) تصريح للأستاذ ميشيل عفلق لصحيفة بوليتيكا اليوغسلافية باللغة الفرنسية أثناء زيارته لبلغراد، نشرت ترجمته في جريدة البعث في 29 تشرين الثاني 1957.

 

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع