ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


السياسة الأمريكية والهجرة اليهودية

 

ان الصدق والإخلاص للمثل العليا(1) وكل السجايا الكريمة التي يتحلى بها الشعب العربي، قد غررت به مرة اخرى، فساهم في المجهود الحربي للحلفاء رغم التجارب القاسية والمريرة التي عاناها من جشع الإستعمار الغربي بعد الحرب الماضية، مؤملا ان تكون التجارب الفاشلة قد أقنعت امم الغرب بفشل مبدأ السياسة الإستعمارية. وزاد في امله اطمئنانه للمبادئ الانسانية السامية التي اعلنت اميركا الحرب في سبيل تحقيقها.

وان موقف الرئيس روزفلت الذي أيد في تصريحه الأخير وجهة نظره السابقة وعزمه على مواصلة السعي لفتح فلسطين العربية للهجرة والإستعمار اليهوديين، والذي يؤكد إصرار الولايات المتحدة على تأييد خطة استعمارية معينة مناقضة تماما لكل مبادئ الحرية التي تبناها الحلفاء ونالوا بها عطف الشعوب المحبة للسلام، نقول ان موقف الرئيس روزفلت قد افهم العرب والعالم الإسلامي بصورة لا تقبل الشك ان المبادئ والمثل العليا ليست في نظر الدول الغربية الا اداة تسخر لنيل مآرب استثمارية بعيدة كل البعد عن تلك المبادئ والمثل.

والعرب الذين اغضبهم تصريح الرئيس روزفلت كما اغضبهم وعد بلفور من قبل، يعتبرون كل حل لقضية فلسطين لا يؤيد حقهم الصريح في عروبة هذه البلاد المقدسة، تعديا صريحا على حقوقهم وتدخلا في شؤونهم الخاصة لا يسيغه اي عرف دولي او مبدأ إنساني، وان عندهم الشجاعة والايمان الكافيين لكي يعتبروا ان السلم لن يتوطد بالنسبة اليهم ما لم يستردوا حقوقهم الطبيعية كاملة.

واخيرا، فان العرب الذين يعتبرون كل الاقطار العربية وحدة لا تتجزأ يرون من واجبهم ان يعلنوا عدم اعترافهم بكل عقد او اتفاق يجيز استثمار أراضيهم من قبل أية دولة أجنبية تنتقص من سيادتهم وترضي خصومهم على حسابهم.

ان مكتب البعث العربي الذي ينطق باسم العرب القوميين يحتج بشدة على تصريح الرئيس روزفلت بشان فلسطين، ويرجو منكم ان تبلغوا احتجاجه الى المراجع الرسمية.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

عن مكتب البعث العربي

ميشيل عفلق

دمشق في 23 آذار 1945

 

(1) ما كادت الحرب تنتهي وينتصر الحلفاء على المانيا، حتى كشفت الدول الغربية عن مخططها الآثم في فلسطين وقد اعلن روزفلت عن عزم اميركا على فتح ابواب فلسطين للهجرة اليهودية. وبذلك تنكر لكل مبادئ السلام والحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها التي اعلن في بداية الحرب ان الولايات المتحدة تخوضها في سبيلها. وقد وجه حزب البعث الى وزير اميركا المفوض في سوريا البيان اعلاه منددا بهذا الموقف، مؤكدا ان الشعب العربي، لن يسكت عن حقه وانه يرفض كل عقد او اتفاق يجيزا استثمار اراضيه.

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع