ميشيل عفلق

في سبيل البعث - الجزء الرابع


تضامن الحركات السياسية العربية

 

1. ما هي في رأيكم أهم النتائج التي يمكن أن تنكشف عنها القرارات الاشتراكية على الصعيدين القومي والعالمي؟

2. ما هو في رأيكم معنى التأييد الذي بدا من خلال موقف الجمهورية العربية المتحدة وموقف الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية لهذه القرارات ؟

3. هل يترتب في رأيكم على هذه الخطوات الجديدة مواقف عقائدية وسياسية معينة للحزب تجاه حلفائه في هذه المعركة المصيرية للاتجاه الاشتراكي للبعث ؟

***

إن الخطوات الاشتراكية الحاسمة التي عبّرت عن نفسها بوضوح في قرارات التأميم الأخيرة هي برهان جديد على أن حزب البعث العربي الاشتراكي سيبقى أميناً على أهداف الجماهير العربية وعلى خط سيره الاشتراكي العقائدي، وانه سيبقى منفتحاً على تجارب الحركة الاشتراكية ونضالها في العالم.

 

إن حزب البعث العربي الاشتراكي هو أول حركة شعبية عربية اشتراكية وعت القضية القومية وعياً ثورياً سليماً، وهذه القرارات الأخيرة قد حددت بشكل عملي هوية حركة تاريخية ناضلت طوال ربع قرن لاحداث الانقلاب الشامل في المجتمع العربي. إن هذا الحزب إذ يؤكّد تصميمه على مواصلة نضاله في سبيل إقامة المجتمع العربي الاشتراكي الموحد، يؤكد في الوقت نفسه إيمانه بأن التراث الاشتراكي في العالم ملك للإنسانية بأسرها، وان الطريق العربي إلى الاشتراكية التي تتحدد ملامحها من خلال الواقع القومي، تفرض علينا الانفتاح على التجارب الاشتراكية القومية والعالمية التي تشكل تراثاً إنسانياً مشتركاً.

فالقرارات الاشتراكية في هذا القطر العربي تؤكدّ من جديد حقيقة سبق واكّد عليها حزب البعث منذ نشوئه، وهي تلازم الطابع القومي الاشتراكي لحركتنا بالطابع التقدمي الانساني.

لذا فإن هذه القرارات الحاسمة قد وضعت حلفاء الاشتراكية الطبيعيين وجهاً لوجه أمام خصومها، وكان من أول نتائجها انها كشفت للقوى الاشتراكية العربية والعالميّة ان قضيتها واحدة وان عدوها واحد. وهذا هو الذي يفسّر الاهتمام والتأييد الذي ابدته الأوساط التقدمية في الوطن العربي وخارجه بهذه القرارات.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي انطلاقاً من مبادئه وانسجاماً مع نضاله الثوري التاريخي ينشد اليوم في معركة التحويل الاشتراكي حلفاءه في الحركات الاشتراكية واليسارية والتقدمية، سواء ما كان منها في مرحلة نضال من أجل استلام الحكم تمهيداً لبدء التطبيق الاشتراكي، أو ما كان منها قد استلم السلطة وخطا خطوة أو خطوات في سبيل هذا التطبيق. وإذا بدا في بعض الأحيان والظروف أن الحزب كان في حالة صراع جانبي مع إحدى الحركات اليسارية فما ذلك إلاّ لأن مواقف هذه الحركات في أمكنة وأزمنة معيّنة قد أساءت فهم المسيرة التاريخية للاشتراكية العربية التي ربطت وما تزال بين تحرّر أقطار الوطن العربي من الاستعمار ووحدتها وتطبيق الاشتراكية فيها انطلاقاً من ظروفها التاريخية والموضوعية الخاصة.

كما أن تجربة التحويل الاشتراكي في بعض الأقطار العربية قد أدّت إلى انجلاء غبار المعارك الفرعية والجانبية. فلقد أصبح واضحاً أن الرجعية وجميع أعداء الاشتراكية في معسكر، وان الاشتراكيين الحقيقيين في معسكر آخر. لذلك لم يعد هناك مبرر لاستمرار ذيول المعارك الجانبية التي أملتها في السابق ردود فعل انفعالية شغلت الحركة الثورية العربية عن أعدائها الحقيقيين.

إن معركة التحويل الاشتراكي تفرض على الحركات اليسارية العربية أن تتعاضد وأن تتضامن مع الحركات الاشتراكية والقوى والأحزاب التقدمية في العالم.

فعلى القوى التقدمية في الوطن العربي أولاً أن تنهي أزمة الثقة بينها وأن تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة المحافظة على المكاسب التي حققها الشعب العربي وتتكاتف لانهاء أنوع الاستغلال الطبقي والاستعماري.

إن قوى الرجعية في الوطن العربي يربط بينها أكثر من تحالف، فما على القوى التقدمية اذا ما أرادت أن تجهز نهائياً على القوى المعادية لها إلاّ أن توحد صفوفها وأن تضعف اختلافاتها وتعتبرها ثانوية امام تناقضاتها مع القوى الاستعمارية والرجعية.

لقد أوجدت القرارات الاشتراكية مناخاً طبيعياً لتعاون التجارب الاشتراكية الأصيلة في هذا القطر العربي السوري وفي الجمهورية العربية المتحدة وفي دول المعسكر الاشتراكي. إلاّ أننا يجب ان نطمح في تحالف أوثق وتلاق أمتن بين القوى اليسارية التقدمية في الوطن العربي وبيننا وبين القوى الاشتراكية في العالم أجمع. كما يجب أن نتطلع إلى مكتسبات قومية اشتراكية جديدة تحقق لأمتنا العربية وحدتها وحريتها واشتراكيتها.

12 كانون الثاني 1965

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع