لمحة تاريخية: في انتخابات أعلن عنها في ربيع 1943 على أثر اتفاق حصل بين الانجليز والافرنسيين من جهة والكتلة الوطنية من جهة -والشائع في ذلك الحين أن الإتفاق كان بين الانجليز والكتلة الذين ضغطوا على الافرنسيين للتفاهم مع الوطنيين، لتسليم رجال الكتلة الصلاحيات التي كان الافرنسيون يمارسونها. وكان الحل يشترط البدء بإجراء انتخابات نيابية لينشأ عنها مجلس وحكومة شرعية يحق لها التفاوض باسم الشعب.

بالنسبة لسوريا كان هذا حدثا هاما، ذا وجهين: الأول محاولة انتزاع السيادة والاستقلال من السلطات المستعمرة، والوجه الثاني الهيئة او الرجال الذين تم التفاهم بين الحلفاء على تسليمهم أدوات الحكم واعتبارهم ممثلي البلاد والشعب.

وكان رجال الكتلة الوطنية قد استلموا الحكم في عام 1936 وظلوا فيه أكثر من سنتين وعقدوا معاهدة مع فرنسا وطبقوا أول تجربة للحكم الوطني أتت فاشلة وملأى بالأخطاء والتخبط، مما ساعد الافرنسيين على نقض عهودهم وإلغاء المعاهدة ومظاهر الحكم الوطني الاستقلالي. ففي سنة 1943 تذكر الشعب والشباب الواعي تجربة 1936 ومآسيها، لان نفس الأشخاص عادوا. ولما قرر الحزب، وكان لا يزال عبارة عن نواة صغيرة، خوض المعركة للتبشير بالمبادئ كانت مهمته صعبة اذ كان عليه أن يشجع الروح النضالية التحررية عند الشعب ضد الاحتلال الأجنبي ومن أجل انتزاع حرية البلاد واستقلالها، ومن جهة أخرى كان عليه ان ينبه الشعب الى الاحتمالات الخطرة التي كان يخبئها له المستقبل. أي ان يحذر الشعب من أخطار تكرار تجربة 1936 الفاشلة، لان الفريقين، الفريق الوطني والفريق
الأجنبي، لم يتبدلا (أي فرنسا وهي لا تزال على عقليتها كما هي، ورجال الكتلة الذين لم يعتبروا بالتجربة)، فكان يلح على النقاط الهامة الاساسية، ويتغاضى عن الاخطاء المادية لرجال الكتلة. اما النقاط التي الح عيها الحزب وحذر الشعب لئلا تتكرر فهي: اتهام كل معارض بالخيانة، وإخفاء الحقائق عن الشعب أثناء معركة انتزاع الصلاحيات ومظاهر السيادة من الأجنبي.
هذه هي بعض الأخطاء التي وقعت عام 1936 التي لم يوجد فى سوريا غير الحزب ليجرؤ على إعلانها على الشعب في المعركة الانتخابية وطرحها كمطالب وخيارات شعبية، كل ذلك دون أن يطعن الحزب في وطنية الكتلة لكي لا يضعف موقفها أمام الأجنبي، وفي الوقت نفسه أستغل الحزب مناسبة الانتخابات ليعلن عن مبادئه الأساسية وليتوجه إلى الشباب الثوري المتحرر ويهيئ أفكاره لدخول نضال ثوري عربي على أسس جديدة وعلى نطاق أوسع مما كان مألوفا.

عودة الى النص

 

الصفحة الرئيسية للجزء الرابع